في خضم الدينامية الدبلوماسية التي تقودها المملكة المغربية بقيادة الملك محمد السادس، ومع تسارع التحولات الجيوسياسية في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل، واصل المغرب ترسيخ مكتسباته في ملف الصحراء المغربية، من خلال مقاربة متوازنة تقوم على الحزم وبعد النظر.
وقبيل الزيارة المنتظرة للمغرب من قبل مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والتي تندرج في إطار دعم الشراكات الثنائية وتعزيز جهود تسوية النزاعات، وعلى رأسها قضية الصحراء، بادر الرئيس ترامب إلى إرسال برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الـ26 لعيد العرش، أكد من خلالها من جديد اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، واعتبار مبادرة الحكم الذاتي التي تقترحها المملكة الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع.
هذه الرسالة جاءت لتؤكد موقفًا أمريكيًا واضحًا وثابتًا، يعكس عمق الشراكة الإستراتيجية بين الرباط وواشنطن، ويقطع الطريق أمام التأويلات والمزاعم التي يروّج لها خصوم الوحدة الترابية للمملكة.
وفي قراءة قانونية وسياسية لهذا الموقف، أوضح الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي عمر الشرقاوي أن موقف ترامب يحمل طابعًا تأكيديًا للاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه، ويدعم بشكل مباشر المقترح المغربي للحكم الذاتي، باعتباره خيارًا واقعيًا وذي مصداقية، ينسجم مع منطق التسوية السلمية للنزاعات.
كما أشار الشرقاوي إلى أن لهذا الموقف الأمريكي وظيفة سياسية امتدادية، حيث يُتوقع أن تنعكس مضمونه على موقف الولايات المتحدة داخل مجلس الأمن خلال مناقشة ملف الصحراء في أكتوبر المقبل، خاصة أن أمريكا تظل فاعلًا رئيسيًا في صياغة القرارات الأممية المتعلقة بهذا الملف.
وأكد الشرقاوي أيضًا أن هذا التصريح ستكون له آثار مباشرة على جولة مسعد بولس في المنطقة، التي شملت الجزائر في مرحلة أولى، قبل أن يحل بالمغرب، في إطار سعي أمريكي مستمر لدعم الحلول الواقعية وتعزيز الاستقرار الإقليمي، على أساس احترام السيادة المغربية.
هذا التفاعل السياسي والدبلوماسي يعزز الطابع الدولي للمقترح المغربي، ويُكرّس واقعية الحل القائم على الحكم الذاتي، كخيار يحظى بتأييد متزايد من قبل القوى الكبرى والمجتمع الدولي.