شهدت منصات التواصل الاجتماعي موجة واسعة من السخرية والانتقادات بعد نشر صفحة تابعة لحزب التجمع الوطني للأحرار، تنسيقية تارودانت الجنوبية، منشورًا رسميًا بمناسبة عيد العرش تبين لاحقًا أنه تمت صياغته باستخدام الذكاء الاصطناعي، وتحديدًا أداة ChatGPT، دون أي تعديل أو مراجعة بشرية.
المنشور الذي حمل في مقدمته جملة بالفرنسية تقول: “Parfait, voici une version intermédiaire — ni trop longue, ni trop brève — avec un ton patriotique, clair et accessible”، كشف بوضوح أنه ناتج عن مراسلة مع روبوت دردشة ذكي، وأن ما نُشر لم يكن سوى رد آلي نُسخ ولُصق كما هو، متضمنًا حتى التوجيهات التقنية التي تُستخدم عادة بين المستخدم والآلة.
وقد جاء النص العربي بعد هذه العبارة الفرنسية ليؤكد ولاء الحزب للملك محمد السادس بمناسبة ذكرى عيد العرش، مشيرًا إلى رمزية حفل الولاء ومكانته في العلاقة بين العرش والشعب، وهو مضمون في حد ذاته لا يُثير الجدل، غير أن طريقة تقديمه بهذا الشكل الفج، جعلت منه مادة دسمة للسخرية والتندر.
التعليقات انهالت من كل صوب، حيث وصف بعض المتابعين المنشور بـ”الشوهة” و”الفضيحة الرقمية”، معتبرين أن اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي في تحرير نص وطني حساس دون حتى قراءته أو مراجعته يكشف عن غياب الجدية والاحتراف داخل بعض هياكل الحزب. وقد كتب أحدهم “ناري على شوهة خنشش” بينما علّق آخر قائلا: “يا رباااه”، في تعبير عن الدهشة من هذا الإهمال الاتصالي.
الواقعة سلطت الضوء على هشاشة الخطاب السياسي الرقمي لدى بعض التنظيمات، وأعادت طرح سؤال حول مدى أهلية الأطر المكلفة بالتواصل داخل الأحزاب، خاصة في زمن أصبحت فيه التفاصيل الصغيرة كفيلة بإثارة زوبعة إعلامية. كما فتحت الباب أمام نقاش أوسع حول حدود استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل السياسي، وضرورة الحفاظ على الجانب الإنساني والتحريري في كل ما يوجَّه إلى الرأي العام.
في ظل هذه المعطيات، تأتي هذه الفضيحة في توقيت حساس، حيث يشهد المغرب تحضيرات مبكرة للانتخابات التشريعية لعام 2026، وهي مرحلة تتطلب من الأحزاب السياسية الحذر التام في خطابها وأدائها الاتصالي، وإدراك أن المواطن اليوم أكثر وعيًا من أي وقت مضى، وأن زلة صغيرة على مواقع التواصل قد تتحول إلى عاصفة لا تُنسى